تسرد الرواية، عبر حبكة شائقة، قصة الفتى زَيَّاد الذي يهاجر من بلدته أغمات إلى مدينة مراكش الحمراء إبَّان العصر القديم، مدفوعًا برغبة جارفة لإثبات ذاته وتحقيق مستقبل زاهر. فتقع له قبل هجرته وخلالها أحداث يمتزج فيها الواقعي بالعجائبي، والمبهج بالمحزن، حيث يستكشف المدينة بناسها وأزِقَّتها وأسواقها ومكتباتها، ويقاسي مرارة الغربة والبطالة، ويختبر مشقة البحث عن العمل، ويجرب الاشتغال في بيع الكتب، ويتطوع للمشاركة في التجارب العلمية التي يجريها أحد علماء المدينة، كما يختبر تجربة السجن والتهديد بالإعدام.
تغري الرواية القارئ بمباهج الكتب، وتسعفه في تخيل تجارب علمية لفهم الطبيعة البشرية، وتحفزه على الإحساس بالجمال وتقدير الإبداع في الطبيعة والصنائع والفنون. كما تمرِّر له، عبر التصوير والإيحاء لا التقرير والمباشرة، قيمًا إنسانية نبيلة؛ كالشجاعة والشهامة والصدق والصداقة والحب والبرِّ بالوالدين وحسِّ المسؤولية والاعتماد على النفس، لتنتقد في المقابل فاسد السلوكات، من خداع ورشوة وإجرام، عن طريق الكشف عن العاقبة الوخيمة لمثل هذه السلوكات.